قال تعالي : ﴿ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ﴾
وصلى الله وسلم على أشرف خلقه سيدنا محمد محب الخير لامته الذي حثنا على طلب العلم بقوله '' أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ''
فالعلم نور لا محالة، والجهل آفة الشعوب منذ القدم، ونحن اليوم في عصر أصبح العلم إحدى سماته البارزة، وأضحى الاقتصاد ركيزة أساسية ومطلب ملح لنهوض الأمم، وظهرت مصطلحات ومختصرات كثيراً ما تتردد على الأسماع وقلما تعيها الأذهان كالعولمة والجات مثلاً، والكل في سعي دائب لمسايرة الركب أو اللحاق به، وتعد الخصخصة من أهم العمليات المستعجلة للحاق بركب العولمة ومنظومة الجات، والمفهوم العام للخصخصة هو الاعتماد الكلي على القطاع الخاص في إدارة النشاط الاقتصادي في كل بلد ومنه إلى إدارته للاقتصاد العالمي، ولأن العلم أصبح سمة العصر البارزة فقد أضحى الاستثمار في التعليم من أنجح السبل، ولأن القطاع الخاص هو الذي سيقود الاقتصاد فقد برزت مؤسسات التعليم العالي الحكومي والخاص من كليات وأكاديميات وجامعات.
أحدث بروز مؤسسات التعليم العالي الحكومي والخاص ثورة على التقاليد التعليمية المتعارف عليها، وحتى نكون منصفين فالحقيقة أن مجريات العصر والتقدم التكنولوجي هو الذي فرض واقع التغيير، ولكن لأن المنافسة تأخذ مكان الصدارة لدى العاملين في القطاع الخاص فقد برزت مظاهر التعليم العصري لدى مؤسسات التعليم العالي الخاص أكثر منه على مؤسسات التعليم العام، ووطننا العربي ليس بمنأى عن التغييرات التي تحدث في العالم، ومنه فقد تعددت مؤسسات التعليم العالي الخاص في الوطن العربي وأصبحت تستقطب عدداً كبيرا من الراغبين بمواصلة الدراسة، وبالمثل فقد أسست رابطة للمؤسسات العربية الخاصة للتعليم العالي لهدفين أولهما التبادل المعرفي، وثانيهما تحقيق تكتل قادر على المنافسة العالمية.
وفي المملكة العربية السعودية يعتبر التعليم العالي الحكومي والخاص حديث العهد وهو في تطوّر مستمر وملحوظ، فلقد أصبحت شهادة الثانوية العامة مستوى طبيعي وأضحى التعليم العالي مطلباً ملحاً لكل طموح، وكل منا يحاول رفع مستواه العلمي بما يتناسب وطموحه، والذي وقف عند حد معين من طموحه الشخصي فتجده يفكر ويطمح لأخيه أو ولده أو حتى قريبه وابن بلده، لذلك فمستقبل التعليم العالي الخاص في السعودية أمامه مشوار طويل من العمل الجاد لتحقيق أهدافه وطموح الملتحقين به، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال عمل علمي ذا ثوابت ومتغيرات تنطلق من واقعنا وتتماشى مع عصرنا.
ماذا يشمل التعليم العالي ؟
التعليم العالي هي المرحلة التعليمية التي تلي المرحلة الثانوية أو ما يعادلها وتنقسم بدورها إلى مرحلتين هما مرحلة التعليم الجامعي، ومرحلة الدراسات العليا.
--- التعليم الجامعي.
يبدأ مباشرة بنهاية المرحلة الثانوية بإلتحاق الطالب بأي من كليات أو معاهد أو جامعات القطاع العام أو القطاع الخاص ويكون مؤهل للحصول على شهادات علمية حسب مدة دراسته وغالبا ما تكون على النحو الآتي:
شهادة الدبلوم. بعد إتمام الطالب عامين دراسيين في مجال تخصص محدد.
الشهادة الجامعية. ويطلق عليها في الوطن العربي البكالوريوس أو الليسانس أو الإجازة أو الأستاذية بحسب التخصص وبلد منح الشهادة، وتمنح بعد إتمام الطالب أربعة أعوام دراسية في الكلية أو المعهد أو الجامعة في مجال تخصص معين، وغالباً ما تختم الدراسة بمشروع بحثي للتخرج.
--- الدراسات العليا.
وتبدأ مباشرة بنهاية مرحلة التعليم الجامعي بإلتحاق الطالب بأي أكاديمية أو معهد أو جامعة في القطاع العام أو القطاع الخاص يكون بعدها مؤهل للحصول على شهادات علمية حسب مدة دراسته وغالبا ما تكون على النحو الآتي:
شهادة الدبلوم العالي. تختلف مدة الدراسة للحصول على هذه الشهادة من بلد إلى آخر وفي الوطن العربي تكون مدتها من سنه إلى سنتين، وتكون الدراسة فيها عبارة عن مواد دراسية على غرار النظام الجامعي، وهنا تقديم بحث علمي مبسط في ذات التخصص كمشروع للتخرج شرطٌ أساسي للحصول على الدرجة العلمية، وتسمى في بعض الدول ماجستير متخصص.
--- شهادة الماجستير.
تمنح هذه الشهادة بعد تقديم الطالب لرسالة علمية في مجال تخصصه، وإقرار المجلس العلمي في المؤسسة التعليمية التي قُدم إليها البحث بجدارته بالمناقشة، يناقش بعدها البحث في جلسة علنية، غالباً ما يُعلن بنهايتها حصول الطالب على الدرجة العلمية، وتسمى هذه الشهادة في بعض الدول بشهادة الدراسات المعمقة، ومدتها تكون سنه كحد أدنى بعد شهادة الدبلوم العالي، وثلاث سنوات كحدٍ أقصى، ''الهدف الأساسي من رسالة الماجستير هو تقويم المنهج أكثر من هدف الأكتشاف، وسلامة البحث وجودة الأداء أكثر من أصالة الإنجاز والبعد في الاستقصاء، أما في حجمه فغير محدد، إذ العبرة في النوع لا في الكم''
--- شهادة الدكتوراه.
تمنح هذه الشهادة بعد تقديم الطالب لأطروحة علمية في مجال تخصصه، وإقرار المجلس العلمي في المؤسسة التعليمية التي قدمت إليها الأطروحة بجدارة البحث بالمناقشة، يناقش بعدها البحث في جلسة علنية غالباً ما يُعلن بنهايتها حصول الطالب على الدرجة العلمية، ومدتها تكون سنتين كحد أدنى وخمس سنوات كحد أقصى قد تمدد بتوصية من المشرف إلى سبع سنوات وهذا طبعاً في المتوسط لأن المدة تختلف من جامعة إلى أخرى، وهناك أربعة أنواع من شهادة الدكتوراه هي الدكتوراه الفخرية، ودكتوراه الجامعة، ودكتوراه الحلقة الثالثة، ودكتوراه الدولة، ''ويشترط في أطروحة الدكتوراه إلى جانب ما يشترط في رسالة الماجستير من سلامة البحث وجودة الأداء، التقصي المتعمق والإضافة إلى المعرفة، والجدَّة في الاكتشاف وأسلوب المعالجة، والحجم غير محدد أيضاً، لأن التقويم يرتكز على النوع والكيف، لا على الكم''
--- أهداف التعليم العالي.
تختلف الأهداف بإختلاف الجهة المرتبطة بالتعليم العالي فالحكومة مثلاً تهدف إلى تأدية واجبها الوطني في تسهيل كسب العلم لمواطنيها لتطوير الموارد البشرية لتساهم في بناء الوطن بالعلم والمعرفة، وكذلك لتحقيق الأمن والاستقرار من خلال مجتمع متعلم يقدر معنى الحياة ويفهم رسالته ودوره في المجتمع، أما مؤسسات التعليم العالي الخاص فأهداف إنشائها متعددة كالكسب المادي، والتطور العلمي، والإسهام في تحريك عجلة التنمية بالبلد، أما طالب العلم فتتعدد أهدافه
ويمكننا تلخيص أهدافه في الآتي:
كسب العلم حباً فيه ورغبة في الأستزادة منه (التعليم من أجل التعليم ).
كسب العلم بهدف الحصول على وظيفة.
كسب العلم بهدف الحصول على ترقية.
كسب العلم بهدف جني المال.
كسب العلم بهدف الحصول على مكانة أجتماعية.
كسب العلم لتحقيق جميع الأهداف السابقة الذكر أو جزء منها.
التعليم العالي الخاص بين الإيجابية والسلبية.
تختلف النظرة إلى مؤسسات التعليم العالي الخاص في الأوساط الرسمية والشعبية، فهناك من ينظر لها بإيجابية كبيرة بينما غيره ينظر لها بتشاؤم كبير، وبالطبع لكل وجهة نظره ومبرراتها، ويمكننا بيان تلك المبررات بما يأتي:
المبررات الإيجابية:
وجود مؤسسات التعليم العالي الخاص يساهم في توفير فرص للراغبين بمواصلة تعليمهم.
يساهم كذلك في تخفيف العبء عن مؤسسات التعليم العام.
وجود مؤسسات التعليم العالي الخاص يسهم في إدارة عجلة التنمية الاقتصادية.
الإمكانيات المادية المتاحة للجامعات الخاصة تعطيها ميزة تقديم الأفضل من الناحية الأكاديمية.
تعرضها للمنافسة الدائمة يحتم عليها محاولة تقديم الأفضل وبناء سمعة حسنه في الأوساط.
قد تكون ساحة لإبداع الطلبة أكثر من مؤسسات التعليم العالي العامة المرتبطة بسياسات الدولة المختلفة من الناحية الاختيارية للتخصص في التعليم الجامعي وموضوع البحث في الدراسات العليا.
المبررات لذوي النظرة السلبية:
اعتبار الجامعات الخاصة سوق للشهادات الدراسية.
هناك النظرة القائلة بأنه ''لا يجتمع العلم والمال'' ومنه فلا يمكن الحصول على العلم الحقيقي بمقابل مادي.
أعضاء هيئة التدريس لن يكونوا بالمستوى المطلوب لأن الجامعة الخاصة ستدفع أقل الأجور للأساتذة بهدف الكسب المادي.
الجامعة التي تستقدم أساتذة على مستوى علمي عالي فستكون رسومها غالية الثمن وبذلك لن يخدم ذلك الكثير من الراغبين مواصلة دراستهم لضيق ذات اليد .
طلبة الجامعات الخاصة هم ممن لم يمكنهم مستواهم ألتحصيلي الضعيف من الالتحاق بالجامعات الحكومية، وبالتالي فستبقى الشكوك تدور حول كفاءتهم ومستوى تحصيلهم.
لا يتفقون مع الرأي الذي يرى بتوافر الإمكانيات للجامعات الخاصة أكثر منه في الجامعات الحكومية، لذلك فما الجامعات الخاصة – بحسب وجهة نظرهم- إلا جسر سهل العبور للحصول على الشهادات العلمية.
أين أنت من الفريقين ؟
لابد من تحديد موقفك من التعليم في الجامعات الخاصة، حسب قناعتك الشخصية بعد أن تُمّحِّص المبررات الإيجابية والسلبية، وألا فستقف عاجزاً عن التخطيط لمستقبلك العلمي، وبالمثل فعندما تكون مشتت الفكر بين التأييد والنبذ للتعليم في مؤسسات التعليم العالي الخاص فلن تساهم في إرشاد كل من طلب مشورتك بل قد تزيد تشتيت فكره.
وشكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا